قصة حزب العمل الشيوعي في سورية

“لكن إذا كانت هزيمة حزيران [يونيو 1967] قد ألمت بسلطة يسارية، لماذا أدت هذه الهزيمة إلى انزياح سياسي نحو اليسار في سوريا؟ لماذا لم تؤد الهزيمة إلى وأد اليسار السوري الذي كان على رأس السلطة المهزومة، مثلما أدت هزيمة الاتحاد السوفييتي في الحرب الباردة إلى تراجع حاد في التيار اليساري العالمي؟ كيف نفسر هذه المفارقة التي تتجلى في أن الشعب السوري يرحب بانقلاب يميني، فيما تميل كتلة مهمة من المهتمين بالشأن العام في سورية باتجاه المزيد من اليسار؟ هذا الميل الذي عبر عن نفسه في ظاهرة الحلقات الماركسية وما أفضت إليه من تنظيمات اختط بعضها الكفاح المسلح وانتهى نهاية مأساوية، كما سنرى؛ وأيضًا في ظاهرة الصراع الداخلي في الحزب الشيوعي السوري بين تيار محافظ يقوده الأمين العام (بكداش) وتيار (المكتب السياسي) المناهض له من اليسار.”

يروي هذا الكتاب تاريخ إحدى المنظمات الماركسية الهامة في سوريا: رابطة العمل الشيوعي (1981-1976)، التي تحولت لاحقًا إلى حزب العمل الشيوعي (1992-1981). يتجاوز فيها كاتبه، راتب شعبو -المؤلف والمناضل الشيوعي، قصة تنظيم شيوعي صغير انقضى زمنه منذ أكثر من ربع قرن- ليرسم لوحة حية مكثفة لتاريخ سوريا السياسي والكفاحي في مرحلة ما بعد هزيمة يونيو1967، وحتى انهيار الكتلة الشرقية وعلى رأسها الاتحاد السوفييتي.

قصة “حزب العمل الشيوعي السوري” ليست تفصيلة على هامش اللوحة الرئيسية، وليست قصة سورية منعزلة، بل هي تجربة نضالية ذات أفق رحب، يمكن إذا فُهمت ودُرست أن تشرح بعضًا مما حدث ويحدث في كثير من بلادنا العربية.