عازف البيانو

فلاديسلاف شبيلمان أحدُ أهمّ الموسيقيين في تاريخ الموسيقى الأوروبيّة، يجدُ نفسهُ تحتَ نيران الحرب والقصف والقنابل والجوع ورسائل الحبّ التي تموت قبل وصولها. في هذا الكتاب يسردُ شبيلمان تجربتهُ تحت الاحتلال النّازي لبولندا، إذ يفقدُ الفنّ معانيه وتفقدُ الموسيقى إيقاعها وتتحوّلُ دقّات القلب إلى ترنيمة أخيرة تقودنا إلى نقطة مجهولة من الحياة. حوّلت هذه السّيرةُ إلى شريط سينمائي أسرَ قلوب الملايين ووضعَ الضّمير الإنساني أمام محاكمة أزليّة، ولعلّ هذا الكتاب هو نصّ المحاكمة المنسوجة بفنّية عالية، تجعلنا نتوقّفُ في كلّ لحظة كي نتساءل، هل يمكنُ لأصابع هذا الموسيقيّ أن تكتبَ نصًّا بمثل هذه القسوة، والإجابة بالطّبع ستكون نعم، فالأصابع التي تلامس دم من يموتون تحت الأنقاض يمكنها أن تحفر طويلًا كي تخرج ذلك الضّحيّة من تحت الرّماد، يمكنها أن تنبشَ بطريقتها الغبارَ الذي يلفُّ قلوب الجنس البشري. هذا ما فعلهُ شبيلمان في هذا الكتاب، لقد أخرج الإنسان من تحت الرّماد ورسمهُ بطريقتهِ، بأسلوبِ عازفٍ يحاول أن يصلحَ بأصابعه ما عجز الإنسان عن إصلاحهِ بقلبهِ.